لماذا تفشل تنسيقيات التعليم في تحقيق مطالبها؟
منذ الخامس من أكتوبر 2023، انطلق حراك تعليمي غير مسبوق رداً على إصدار وزارة التربية الوطنية والتعليم والأولي والرياضة للنظام الأساسي الجديد لموظفي قطاع التعليم، مما أدى إلى ولادة ما يعرف بالتنسيق الوطني لقطاع التعليم، وهو تكتل يضم العديد من التنسيقيات المدافعة عن مطالب نساء ورجال التعليم.
على عكس باقي الاضرابات التي كانت تخوضها تنسيقيات التعليم سابقا، والتي عادة ما كانت تعرف انتقادا من طرف المجتمع، عرفت الاضرابات الأخيرة -ضد النظام الأساسي- تضامنا غير مسبوق من طرف الإعلام وبعض رجال القانون وحتى من طرف أمهات وآباء وأولياء التلاميذ.
وبالرغم من المحاولات التي قامت بها وزارة التربية مدعومة بالنقابات الأكثر تمثيلية، قصد إخماد احتجاجات الأساتذة، لم تفلح في ذلك نظرا لارتفاع نسب المشاركة في الحراك التعليمي، وتحت وطأة الاحتجاجات والاضرابات المتواصلة، طالب رئيس الحكومة من الشغيلة التعليمية إعمال حسن النية والنزول إلى طاولة الحوار مقابل الرجوع إلى الأقسام، الشيء الذي رفضه التنسيق الوطني وقرر الاستمرار في التصعيد.
لقد ارتكبت التنسيقيات خطأ فادحا عندما رفضت العودة للأقسام مقابل الحوار، وهنا بدأت دائرة التضامن مع الأساتذة المضربين تضيق، في المقابل كانت النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية تعقد جولات حوار متتالية مع الأطراف الحكومية، مستغلةً أجواء الاحتقان وحققت امتيازات لم تكن تحلم بها من قبل.
يبدو أن تنسيقيات التعليم تفتقد إلى أناس لهم القدرة على المناورة واتخاذ القرارات الحكيمة في الوقت المناسب، بالرغم من التحذيرات التي تلقاها التنسيق الوطني لقطاع التعليم ومن معه من طرف عدد من المتتبعين لمجال التعليم بضرورة التريث والحكمة خلال الفترة الاخيرة، إلا أن قرار التصعيد والذهاب نحو المجهول كان الخيار الأفضل للتنسيقيات.
من المعلوم أن عدد من الأساتذة كانوا قد استئنفوا عملهم قبل أسبوع، تفاديا للاستمرار في الاضراب دون رؤية واضحة، لقد كانت رسالة واضحة إلى التنسيقيات لكي تتراجع قليلا، لكن عدد من قادة التنسيقيات -سواء بحسن نية أو سوء- دافعوا عن التصعيد وتمديد الاضرابات رغم تراجع عدد المضربين، وهو ما استغلته وزارة التربية الوطنية، وأقدمت على توقيف عدد كبير من الأساتذة المضربين.